روح الأديب مصطفى الحطابي
يملأ القنينة بالماء، يفتح باب الثلاجة السفلي ثم يضعها، يتجه نحو غرفته، يغير ملابسه، يتكئ على السرير ليتأمل مغمض العينين، ينهض بعد نوم عميق، يحمل هاتفة ثم يخرج، في الشارع يتصل بحبيبته، يسألها عن تحضيرات العرس، يجلس في المقهى، يضع رجل فوق الأخرى، يأتي النادل يطلب قهوة سوداء كالعادة، يقرأ في هاتفه بعض الأخبار، ثم يعود إلى المنزل ليلا، ضجيج أبناء أخيه، صراخ أمه، يفقده تركيزه، يقفل باب غرفته، يشغل الحاسوب، يدخل ملف المسرحيات، يختار عشوائيا مسرحية، يطفئ الشاشة، يضحك و يضحك حتى ينام.
يستيقظ ... يجول في البيت، يلاحظ تغير المحيط، جدران، أبواب الغرف، حتى أن لمح أم حبيبته، تغني و تجول، فيركض و يختبئ، يتساءل ... أين أنا ؟
عندما تكلم سمع صوت حبيبته، اندهش ! فاتجه نحو غرفة أمها، لعلمه أن المرآة في باب الدولاب، ليرى ذاته فيها، صعق ...
وجد روحه في جسد حبيبته، استغرب ! لكنه فرح، فما أعجبها ... هو أنه تعرف على جسمها الناعم، ليرى ما كانت تخبئ عنه، ثديها، خسرها، ثغرها، بحث و لمس، كل طرف منها، أحس بنعومتها، كان فرحا بهذا التغيير، لبس ملابسها، جلس مع أمها، تحدث عنه شاكرا نفسه، اتصل بهاتفه، ليجيبها في الرنة الأولى ما زالت تلعب بما لا ترى، هنا تأكد أن روحيهما استبدلا الأجسام، لتتعايش مع جسده، و هو ينعم في جسمها الناعم البديع.
في أول ملاقاة بينهما، كانا يظهران كرجل مخنث، و امرأة تتصرف بذكورة، تمشي بخطى الثقة و القوى، أما هو فبخطى الترقب و الحذر، فيهددها بجسدها ضحكا، بنزع الملابس و كشف المستور، إلا أنها تطلب منه التراجع، خائفة من أن يراها أخوها أو أحد أفراد عائلتها، رجعا ... كل اتجه صوب بيته، أي منازل الأجساد، فطبخ الرجل لأمه، كوى الملابس، نظف البيت، أما في جهة الأخرى ... أصلحت التلفاز، حملت الأشياء الثقيلة، كانت أفعالهما محط استغراب للأمهات، بعد كل هذا التعب، توجها إلى الفراش، فنام على موسيقى هاتفها، أما هي ... ظلت تبحث في هاتفه و حاسوبه عن أي دليل خيانة، لم تجد ما يغضبها منه، فابتسمت ثم نامت.
في صباح اليوم الموالي، استيقظ سمع صراخ أمه على أبناء أخيه، ابتسم، خرج من الغرفة، اتجه إلى الحمام، ليكتشف لزوجة في سرواله، فتح رشاشة الماء، عام و توضئ، ثم تناول فطوره، خرج ليلتقي بحبيبته خلسة كالعادة، فتعود الحياة كما بدأت، اليوم كالبارحة و الغد.
لكنه ... لم يستوعب إن كان ما حدث حلما أم واقعا.
ليست هناك تعليقات :