الامتحانات ودورها في العملية التعليمية دكتورة مني كمال سليمان
عاد أولادنا الي المدارس ، متمنيين لهم فصل دراسي مليء بالإنجازات والخبرات التربوية الأيجابية التي تؤدي إلي مزيد من حب التعلم. ولنتذكر جميعا أن للطفل قيمة تزيد عن درجات الامتحان التي حصل عليها..فإذا انحصرت العملية التعليمية في الحصول علي درجات عالية فقط لخسرنا الكثير.
وقد استمعت الي الكثيرين الذين يشكون من انخفاض مستوي درجات ابنائهم، وتقتلهم الحسرة علي الجهد والوقت والمال الذي أنفق علي التعليم، ثم جاءت الدرجات مخيبة لامال الجميع.. الطالب وولي الامر والمعلم، وهنا يجب أن نتساءل هل الدرجة الضعيفة تدل علي انخفاض المستوي الدراسي؟ وفي هذا الصدد تشير العديد من الدراسات أن لكل طفل نواتج تعليمه الخاصة به والتي من الصعب تفسيرها بالطريقة التقليدية، فيجب تفسير درجاته تبعا لمستواه الدراسي بعيدا عن محاولة مقارنته بزملائه، فالفروق الفردية مهمة جدا في كل هذه القضية.
وعلي الناحية الأخري إذا حصل التلميذ علي درجة عالية.. هل يعني ذلك ارتفاع مستوي التحصيل لديه وضمان التفوق الدراسي؟ وحقيقة الامر ان قد يحصل علي درجة عالية ولكن تحت ضغط استنفذه عصبيا وذهنيا وقتل القدرات الابتكارية لديه... وتتبع بعض النظم التعليمية نظاما للتقويم يسمي التقويم متحرر المرامي اي لا يتقيد بأهداف محددة ونظام للدرجات والنواتج تم تصميمه مسبقا بل يتجه نحو قياس مدي تعلم الطفل من الخبرات المربية التي مر بها.
وفي الحقيقة تختلف شعوب العالم من حيث اتجاهاتها نحو قضية الامتحانات، فشعوب اليابان وشرق أسيا تعطي اهتماما بالغا لدرجات الطفل في الامتحان لذا تنتشر مدارس الكرامير أو الجيكو في اليابان لاعداد الطفل للامتحانات، وقد عانت اليابان طويلا من ارتفاع معدلات انتحار الطلاب بسبب الحزن علي درجات الامتحانات، وهناك قرية في إحدي دول شرق أسيا، لوحظ فيها اصابة المراهقين بأمراض نفسية وعقلية قد تؤدي الي الجنون في موسم معين كل عام، ووسط ذهول الجميع، تبين أن المشكلة ترجع الي قلق الامتحانات.
وعلي النقيض من ذلك، نجد الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول غرب أوربا لا تمثل الامتحانات ونتائجها أهمية كبيرة، فالثقافة الامريكيةتري ظلما للأطفال اذا تم تصنيفهم بين ناجح وفاشل، خاصة في المراحل الأولي.. وعندما اصطدم التربويون بتفوق الطفل الياباني علي نظيره الامريكي، ووجد المسئؤلون أهمية توجيه النظام نحو الامتحانات، ما كان من المعلم الامريكي الا وضع الدرجات بطريقة عشوائية، فقط لاستيفاء بيانات كشوف الدرجات، فهو لا يرغب أن يضيع وقت الصف الدراسي في اجراء الاختبارات، إذ من الافضل بذل الجهد في غرس حب التعلم في الطفل والتعامل مع مشكلات الصف الدرسي.
وعندما رأي البعض اهمية اجراء امتحانات علي المستوي القومي، لقى ذلك معارضة كبيرة ووصفت تلك الجهود بوضع العربة اي الامتحانات أمام الحصان وهو الاصلاح التربوي، ووصف ذلك الاتجاه بمحاولة صنع أزمة مصطنعة للخلل بالأمن الأمريكي.
ويتضح من ذلك أن قضية الامتحانات والتقويم ذات حساسية شديدة فهي بالطبع مرأه تعكس المنظومة التعليمية بل ربما المجتمع كله...
ليست هناك تعليقات :