أولويات التعليم المصري بقلم : دكتورة منى كمال سليمان
يتميز التعليم المصري بتاريخه الطويل الذي ساهم في بناء الحضارة الانسانية على مر العصور، وقد أثبت المصريون نبوغهم سواء معلمين أو متعلمين في مختلف الأماكن التي ذهبوا إليها. وقد كان التعليم المصري نموذجا يحتذى به للعديد من الدول عند تطوير نظمها التعليمية المحلية. ولعل من أبرز هذه النماذج البعثة اليابانية التي جاءت إلى مصر خلال القرن التاسع عشر، وقد ساهمت الخبرة المصرية في تأسيس النظام التعليمي الحديث لليابان حينذاك. ولعل الدرس المستفاد هو أن اليابانيين قاموا بإعادة صياغة ما تعلموه من المصريين بصورة تتناسب مع ظروف بلادهم بحيث يتم الحفاظ علي الثقافة اليابانية، مع مراعاة الأولويات الملحة للأمة اليابانية في تلك المرحلة الزمنية، مما يطرح العديد من التساؤلات لبعثات المسئولين المصريين التي انتشرت في شتى بقاع الأرض خلال العقود الماضية: إلى أي مدى تم مراعاة الظروف المحلية وملامح الثقافة المصرية؟ وإلى أي مدى تم وضع الأوليات والمشكلات الملحة الت يعاني منها التعليم المصري في الاعتبار؟
وبالنظر في واقع التعليم المصري، نجد أن هناك عدة مشكلات تهدد كيان المنظومة التعليمية بأكملها، لعل من أهمها نظام الفترات حيث أن أغلب مدارس التعليم الأساسي تعمل على أساس تقسيم التلاميذ إلى فترتين (فترة صباحية وفترة مسائية) مما يؤدي إلى قصر الوقت المتاح للتعلم واكتساب الخبرات. ويلاجظ ايضا ارتفاع كثافة الفصول التي تتخطي السبعين طالب في الكثير من الأحيان، مما يجعل البيئة التعليمية غير ادمية ولا تصلح للتعلم. وبالإضافة إلى ذلك فإن نظام الامتحانات المتبع لايراعي جوانب نمو الطفل مما يجعلنا معلمين وأولياء أمور نضغط عليه للحصول على أسرع نتائج غير مدركين أو مضطرين مما يحد من القدرات الأبداعيه والأبتكارية لديه، وقد يؤدي الى تدمير بعض الأطفال واصابتهم بالإضطرابات التفسية والأكاديمية. بالإضافة إلى ظاهرة العنف التي بدأت تتفشى في مدارسنا.
على الرغم من حدة هذه المشكلات وخطورتها وجهود الإصلاح المبذولة إلا ان هذه المحاولات لم تأت بثمار مجدية حيث تضمن معظمها ادخال صيغ تعليمية لا تتناسب مع طبيعة التعليم المصري مثل التعلم النشط في التسعينيات من القرن العشرين أو التقويم المستمر في بداية القرن الواحد والعشرين. وفي الأونة الأخيرة، تطالعنا الصحف الآن عن مشروع المدارس اليابانية وكذا نظام الثانوية العامة الجديد مما يطرح تساؤلا بشأن تجاهل القائمين على العملية التربوية لأهمية التصدي لحل المشكلات الملحة في التعليم المصري. وقد يرجع ذلك إلى قلة اهتمام صناع القرار التربوي بنتائج البجوث التربوية من ناحية، وعدم اهتمام الكثير من هذه البحوث بتقديم حلول تناسب مع طبيعة الواقع التعليمي من ناحية أخري.
ليست هناك تعليقات :