بعض الناس ـ ويا للحسرة
ولن تجدهم،ولو مرة في حياتهم،تاخذهم العزة بالنفس ويتخلصون من تلك الوضعية المهينة.
وقد رأيتُ أشخاصا يقبِّلون الأيدي من غير أن يكون هناك داع لهذا التقبيل...
فمثلا:
المعلم يقبِّل يد المدير...
والمدير يقبِّل يد النائب...
والنائب يقبِّل يد الوزير...
..................................... وهذا يحدث في جميع القطاعات.
هذا أمر لا يخفى على أحد.
لكن المشكل،هو أن تجد المثقفين يصلون إلى هذا الدرك الأسفل من السلوك.فبالنسبة لشخص جاهل فأنت قد تستطيعُ أن تغفر له زلاته؛ولكن بالنسبة لإنسان مثقف فهذا شيء غير مقبول.
بالطبع،فأنا تربيت على تقبيل يد أبي وأمي وعائلتي...هذا شيء عادي،لأنه ليس في الأمر أي أفكار مسبقة ولكن فقط من باب الإحترام والتقدير...أما أن تقبل يد مديرك أو شخص في منصب وفي الأمر شيء من الرهبة والصغار،فهذا ما لا يستسيغهُ العقل...
والطاعة في القرآن لأولي الأمر لا تعني تقبيل اليد وإنما تعني تطبيق ما يأمرون به.
وأنتَ تعرف أن الكلب من كثرة تملقه قد يلحس وجهك...
ومن هؤلاء من بكثرة التملق قد يلحس أعضاءك التناسلية...وهذا شيء مقرف ومقزز وتشمئز منه النفس ويعافه الخلق الحميد...
فكيف تنتظرُ من هؤلاء أن يغيروا ما بأنفسهم.
وهؤلاء هم الذين سيحشرون يوم القيامة عميا لأنهم كانوا لا يبصرون.
فهم يعرفون أن تلك اليد التي يقبلون كان صاحبها يغسل بها أسته مما تغوط من قذارات...وهذا ينفي عن أي شخص صفة القداسة.
ولهذا السبب تُعاملنا الحكومات انطلاقا مما تراه من صَغار مازال يسري في جسم شريحة عريضة من المجتمع.
والحكومة المقبلة ستكون أفضل من سابقتها في تحطيم الأرقام القياسية في '' الإصلاحات '' بمعنى '' الإحباطات '' وسترتفع درجة حرارة المواطن الكريم وقد يُصابُ بجلطة دماغية أو سكتة قلبية...ومع ذلك،ستجده يحمد الله ويشكره على ما أعطى وما أخذ في ظل سياسة حكومات فاسدة ورائحتها قد لوثت البلاد ومن يمشي فوقها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكاتب والشاعر المغربي مصطفى بلقائد.
قصيدة شعرية
ـــــــ
أَلا يا رَقيقَ الْخِصْرِ مَهْلاً تَمَهَّلي ***** فَإِنِّي فَقَدْتُ الرُّشْدَ بِالْحُبِّ فَاجْمِلي
مَرَرْنا أَنا وَالْقادِمينَ بِصُحْبَتي ***** بِرَسْمٍ قَديمٍ كانَ أَرْكانَ مَنْزِلِ
أَنَخْنا بِهِ وَاللَّيْلُ قَدْ مَرَّ بَعْضُهُ ***** وَبَدْرُ الدُّجى يَسْري كَجِسْمٍ مُعَلَّلِ
تَرَكْتُ رِفاقي يَعْقِلونَ خُيولَهُمْ ***** وَقُمْتُ إِلى الْأَطْلالِ أُشْفي تَطَفُّلي
وَمِنْ قِلَّةِ الْأَنْوارِ شُحَّتْ لِناظِرٍ ***** فَما ظَهَرَتْ إِلاَّ حُروفٌ بِمَعْزَلِ
جَلَسْتُ أُناجي اللَّيْلَ عَنْ بَعْضِ خِبْرتي ***** وَأَوْقَدَ صَحْبي النَّارَ عَنْ بُعْدِ أَرْجُلي
فَمَرَّ بِنا في هَذِهِ الْحالِ هَوْدَجٌ ***** وَمَنْ حَوْلِهِ رَهْطٌ بَطيءُ التَّمَلْمُلِ
فَأَبْصَرْتُ نوراً مِنْ وَراءِ سِتارِهِ ***** فَخِلْتُ بِأَنَّ النُّورَ مِنْ ضَوْءِ مِشْعَلِ
وَلَكِنَّ في هَذي الْهُنَيْهَةِ قَدْ بَدَتْ ***** وَبانَتْ بِوَجْهٍ أَبْيَضٍ مُتَهَلِّلِ
وَقَدْ هالَني مِنْها ضِياءُ مَحاسِنٍ ***** وَوَجْهٍ بَريءِ الْحَرْفِ بِالسِّحْرِ مُذْهِلِ
فَأَسْرَعَ صَحْبي لِالْتِقاءِ كَتيبَةٍ ***** وَقالوا لَهُمْ مَرْحى بِضَيْفٍ مُبَجَّلِ
وَسِرْنا إِلى حَيْثُ الْعِشاءُ جَميعُنا ***** وَعَيْني عَلى مَنْ سَوْفَ تَبْدو بِمَحْفَلِ
فَأَلْقَتْ سِتاراً ثُمَّ عَنَّتْ كَوَرْدَةٍ ***** فَأَيْقَنَ صَحْبي أَنَّما الْحُبَّ مُخْبِلي
تُرى هَلْ ضِياءُ الشَّمْسِ في ظُلْمَةِ الدُّجى ***** فَإِنَّ لَها نورٌ عَصِيُّ التَّخَيُّلِ
وَمِنْ بَعْدِ أَنْ نالوا طَعامَ عِشائِنا ***** تَنَحَّتْ بَعيداً وَاخْتَفَتْ في تَسَلُّلِ
فَقُمْتُ وَفي قَلْبي لَهيبٌ مُؤَجَّجٌ ***** وَتَحْتَ الدُّجى أَفْلَتْتُ خَيْطَ تَعَقُّلي
فَأَبْصَرْتُها تَخْطو كَخَطْوِ غَزالَةٍ ***** وَفي خِفَّةٍ أَرْسَلْتُ جِسْمي لِمَقْتَلِ
وَمِنْ غَيْرِ وَعْيٍ عُدْتُ بِالْمَسِّ هائِجاً ***** وَلَكِنَّما ما كانَ ذاكَ بِأَسْهَلِ
لَقَدْ بَلَغَ الصِّيَّاحُ غَرْباً وَمَشْرِقاً ***** فَأَصْبَحْتُ في أَيْدي الْجُيوشِ بِمَعْقَلِ
أَذا الْحُبُّ يُفْضي لِلْجَحيمِ بِحَرِّهِ ***** فَقَدْ صِرْتُ مِنْ شَيْطانِهِ كَالْمُغَفَّلِ
فَها أَنَذا في السِّجْنِ بَعْدَ فَضيحَةٍ ***** وَأَنْتَظِرُ الْإِفْراجَ مِنْ مُتَدَخِّلِ
فَقالوا تَزَوَّجْها إِذا شِئْتَ رَحْمَةً ***** وَذَلِكَ سَعْيي بِاغْتِصابٍ مُكَلَّلِ
وَقَدْ زَوَّجونا بَعْدَ عَفْوٍ لِبَعْضِنا ***** وَأَصْبَحْتُ عَنْ حُبِّي قَليلَ التَّنَصُّلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشاعر والكاتب المغربي مصطفى بلقائد.
ليست هناك تعليقات :