قصة للأديب مصطفى الحطابى مكونة من اربعة اجزاء قصيرة تعالى نتعرف فى البداية على نقد ادباء لهذه القصة
نقد الأستاذ و الكاتب عمر لوريك
قصة جميلة و في بساطتها عمق غزير المعاني و الدلالات
الإيحائية الهامة للذات و الحب و الانفعال و التموضع..المعانات فيها رصدت بقلم حر
راقٍ..ما راقني في القصة هو حبكتها و انطلاقها من وضعية مشكلة إلى عقدة
فحل..بعناوين رمزية تسهم في بناء النص القصصي من قبيل " الابتسامة المفقودة
"
و حبّ شفيف.. !
" ما
بعد الابتسامة "
و الحلم
أصبح حقيقة
أجمل ما في القصة الرموز التي تحيل لدلالات فالدمية رمز
الأنثى السلبية التي تخلو من المشاعر والتي لا تختلف عن الدمى لولا شعور الناس
كانوا كالدمى وتوظيف لفظ الدمية على أنثى من السارد يعكس معناه روحية ومكابدة
نفسية لذلك جاء في السرد ما يدل على ذلك ( المعقدة .السلبية .المتذمرة) وهذا صراع
نفسي قبل أن يكون صراع مع الطبع والفطرة وتأتي المعاناة من رسم لها صورة في خيالة
والصراع يتضح من خلال محاولة خلق الأنثى التي تحس بالمشاعر لاسيما وأن الفراشة رمز
الخفة والتلون والجمال ومعانقة الزهر لتمتص الرحيق وهذا صراع آخر مابين حالة من
الرتابة وحالة من التوهج والاشتعال الذي لا يدرك إلا ممن عانى حرقة الحب ليس فحسب
فالنص بل قد تحولت الدمية إلى الملهم وصاحبة الوحي للكاتب . كانت الابتسامة رمز
الحياة في السر و الحكي لذلك فثمة تضحية
فهناك تضحية من جانب لاسيما والنص يعكس شيئا من الطبقية من خلال البداية (دمية
صغيرة متسخة بلا فم) وكأنها طريدة أو شريدة ومن العوام وهذه تضحية تعكس محبة ليعكس
تعلقا وهياما لمن ليس أهل فكانت الساحرة رمز التحول والتبدل ليخلق عالم الحلم
وعالم الأماني ويظل الصراع متلازم ومتنام مابين بقاء الابتسامة التي هي الحياة
ومابين الدمية الجنية التي استلبت الروح والمشاعر و الإسرار وبل واستطاعت أن تحول الإنسان
الكاتب المرهف الحس إلى دب متصلب يؤمر فيطيع لذلك لم يتمكن البطل من تحقيق شيء إلا
عبر الميتافيزيقيا ولم يستطع أن يغادر المكان إرضاء لتلك الدمية الساحرة وربما
الفراشة التي تمنعت فاحترقت المشاعر و اللواعج و الخلحات والدمية تغني بلا روح
والدب يستجيب . القصة فيها ذم للمرأة وثناء رمزي ليس
متضح وفيها حكاية تورط القلوب بمن هو أقل وغير أهل للحب والتصريح بالكاتب إلى جانب
الدمية فيه تقليل من الشخصية المعتبرة والصادقة والمضحية والمتحولة والمنهزمة النص
جدلي مفتوح على التأويل وفيه واقعية سحرية تنم عن اقتدار سردي أظن أن أنسب من بناء
الصراع والرموز المتحركة

" الابتسامة المفقودة "
في أحد
الأيام، كان كاتب يتجول في الشارع، فوجد دمية متسخة صغيرة بلا فم، دون أن يلاحظ
الفراشة التي ترافقها، فحملها ثم اتجه إلى
البيت مباشرة صوب غرفته، نظفها مسح الغبار المتراكم عليها، رسم ابتسامة بقلمه و
وضعها على مكتبه، بعد أيام أصبح كلما يكتب شيئا يقرأه عليها، أصبحت جزءا منه، لكن
في كل مرة يرسم ابتسامة عليها تختفي مع كل إطلالة، وكل مرة يرسم لها شخصية في
خياله، كالمتذمرة أو المعقدة.
أغلب شخصياته كانت سلبية، لأن تلك الابتسامة المخفية
تؤثر على كيانها، وكان يصفها بالحنونة تارة والسلبية تارة أخرى فيتركها، لكن سرعان
ما يرى بريق عينيها الذي يفقده غضبه، فتصبح شبه ابتسامة.
مرت الأيام وبدأت تلك الابتسامة بالظهور، بل
كلما رسمها إلا وبقي منها شيء بسيط يزداد مع الوقت، فنتيجة تعب الكاتب بدأت
بالظهور، تعلق بها كثيرا فأصبحت جزءا منه، لقبها بالبسمة لتكون فال خير، كان يلاحظ
تعلقها الكبير به الذي كان يخيفه كثيرا، يحس كأنها تقول له " أنت من أعطيتني
حياتي وعلمتني الابتسامة فأصبحت جزءا مني لن أفارقك مدى الحياة ".
في كل مرة تأتيه الفرص السّانحة ليرحل من تلك
المدينة، يبدأ بجمع حقائبه فيجدها تبكي و تصبح البسمة حزنا شديدا، كأنها تقول له
" أنت ملكي أنا وليس لأحد غيري، فإن رحلت لن يوجد من يواسيني " حتى إن
وضعها في الحقيبة تبكي، فوعدها بأنه سيبقى معها دائما، ولن يرحل عن ذاك البيت
الصغير، ولن يتخلى عليها، أصبحت ملهمته حتى أنه قرر البدء في كتابة قصتهما التي
أسماها " دميتي سعيدة ".
عادت الابتسامة من جديد فأصبحت تنام على وسادته
بجانب رأسه، تعلقا ببعضهما، قال لها في أحد الأوقات " أنت وقطتي متشابهتين،
تخدشانني تعضانني تغضبانني، لكني لا أستطيع رفض نومكما فوق صدري ومساعدتكما على
الارتياح "، أحس إحساسا غريبا، ذاك الاهتمام الكبير جعله نصفها الأخر، كأن
روحه سكنت فيها، بدءا في مرحلة التغيير فأصبحت ايجابية لكن الرياح تأتي بما لا
تشتهي السفن ...
ليست هناك تعليقات :