اخر الاخبار

17






 يظهر لنا باب الفيلا، الرقم 17 واضحا، و هناك امرأة متوسطة العمر، تأمر بعض العمال بالإسراع في تغطية الأثاث، بأثواب بيضاء، حتى ترحل، ليقول أحدهم للأخر بقلق شديد :
-      هل تتذكر عثمان الذي كان يعمل معنا ؟
يجيبه بثقة :
-      نعم أتذكره، لكنه اختفى منذ زمن بعيد ...
-      لقد اختفى هنا، أسرع يا صديقي ...
يعم القلق عليهما، فتصرخ المرأة عليها، و تأمرهما بالإسراع، حتى ترحل من هذا المكان، يخرجا بعض الانتهاء من التغطية، ثم تقفل الباب، تركب سيارتها و ترحل.

يمر أكثر من 20 سنة على الرحيل ... قد بدت التجاعيد على وجه المرأة، تنادي ابنها، و تعطيه مفاتيح نفس الفيلا، التي تركتها زمانا، كانت ترفض إعطائه إياهم، لكن رغبته في العيش فيها غلبتها.

في الصباح التالي ... يحمل هاتفه من على السرير، فيشغل أغنية عليه، ثم يفتح باب الدولاب الخشبي ليختار البذلة التي سيخرج بها مع حبيبته، بينما يغني مع أغنية كاظم الساهر " إني خيرتك فاختاري " ليلبس البذلة التي اختارها.

في الجانب الأخر ... لحبيبة التي تشغل نفس الأغنية، تغني عليها، و تختار الفستان التي ستخرج به مع الحبيب، ثم ترى في المرآة، في نفس الوقت الذي يرى ذاته في مرآته، ثم يخرجا من منازلهما.

يلتقيان ... ثم يتجهان نحو محلبة، مطعم للأكلات السريعة على الطراز المغربي، تقدم فيه بعض أنواع الحلويات ومشتقات الحليب، ليفطرا فيها، يطلب هو كأس شاي و خبز في الجبن و البيض و بعض المرتديلا، أما هي فكأس عصير الليمون و مع بسكويت، ضحك على فطراها الذي في نظره لا يشبعها، ليتحدثا عن أخبار البيت الذي كان للأجداد و الآن مهجور لأكثر من 20 سنة، قصد السكن فيه بعض زواجهما، يستقلان تاكسي صغير، ثم يتجه بهما نحو المنزل، رقم الفيلا 17 و عليه الغبار، عند الوصول يقفان أمامها، فيلا كبيرة، من طابقين ... الأول سفلي و الطابق الأول، الذي تطل منه فتاة تشبه البطلة و في الجانب الأخر شاب يشبه البطل، لم يشاهداهما، لكن السكان الأصليين رأيا الضحيتين، فتحا الباب، ثم أشعلا الضوء الذي انطفئ بعد فترة ثم أشعلا الهواتف، الغبار يملئ البيت، بدءوا في التجوال في غرف، ثم صعدا إلى الطابق الأول ثم رءوا مرآة في نهاية الصالون.

وقفا أمام المرآة ليشاهدا ذاتهما تكلمهما، ليلتفت فيراها مندهشا و لا يصدقان أنهما يتكلمان مع نفسهما، كأنها في حلم، نفس الأشخاص في المرآة كأنهم توائم يلبسان لباس الزفاف.

سحبا داخل المرآة ... وجدا الكثير من الألوان و الأحجام المختلفة كأنهم في عالم من اللاشيء، أو في ثقب زمني لا يريا بشرا، و أعين كثيرة تراهم، ليسوا بشرا أو نوع من الحيوانات، أو إسقاط نجمي ليسقطا في غرفة مظلمة، يقف فيها شخص غريب ذو عين واحدة و ثلاث قرون، يتحول إلى أشباههم ثم إلى أناس من عائلاتهم،  فيختفي ليريا مرآة أمامهما، يتحدث منها كلاهما بلباس عادي سروال و قميص للرجل، و جلباب للمرأة، ما يزالا لا يصدقان ما يحدث لهما من خيال، ليطيرا ...

يجدان بيتا يجلسان فيه، كأنهما في المستقبل، يلعب الأبناء بجانبهم، ثم فجأة تنقلب الأحوال و يشيب الاثنان معا، فينقلب الأبناء رماد ينجلي مع الريح، فتأتي أفعى تقف على رجلين تركض ثم يهربا فتظهر امرأة على ظهر أسد تشبه البنت تركض ورائهما، يأتي رجل أخر يحاول خطف الفتاة إلا أنه يقف يضحك ثم يهرب كأنهم في حلم لا يعلمون إن كان نفس المكان أم لا، لكنه يتغير ... فتارة يجدون نفسهم في الصحراء، أو نفس الغرفة، التي كانا فيها، و أخرى وسط زحام من أضخام الجثة يتبعونهم كأنهم يريدوا أن يأكلوهم، فيمسك بها ثم يهربا، يسمعون نبضات قلب يخرج من أجسادهم يحمله شخص يشبه الشاب و يعطيه له إلا أنه يتبخر، يرى أباه المتوفى تناديه ثم يقول – إياك و العقد ... إياك و العقد - ثم يتحول لسراب، فالسراب يتحول لحجر يصعب حمله، يسقط على كثف الشاب، فيخرج لهها نفس صاحب القرون - امضي الآن كما مضى أجدادك -.

يغمض عينهما فيسقطا من السرير كأنهما سقطا من فوق ناطحة السحاب، فيسمعا صوتا ينادي عليهما – وقعا لتنعما -، تدق الأجراس، يسمع بصوت عالي يخفت شيئا فشيئا  - العقد -، يرى في عينها ثم يبتعدا، ثم في الأعلى يلاحظان قصة حياة عائلته في الفيلا رقم 17 وكل ما حدث له، بعد عيشه لفترة فيها، هناك من انتحر و هناك ما خرج مجنون ثم يرميا خارج بيت كأنهم رفضوا إمضاء العقد، بنفس لباس الذي دخلا به، إليها ليأتي نفس صاحب التاكسي الذي أوصلهما يقف أمامهما ثم يقول : لم تدفعا ثمن التوصيلة
يريا فيه باستغراب كأنهما للتو نزلا من التاكسي
ثم يقول لها : ندخل
تجيبه بحب للتحدي : ندخل

فتحا الباب، ثم أشعلا الضوء الذي انطفئ بعد فترة ثم أشعلا الهواتف، الغبار في البيت، صعدا إلى الطابق الأول ثم رءوا مرآة في نهاية الصالون، كأنها المرة الأولى التي يزوران البيت، وقفا أمامها ليشاهدا ذاتهما تكلمهما، ليلتفت فيراها مندهشا و لا يصدقان أنهما يتكلمان مع نفسهما، كأنها في حلم، نفس الأشخاص في المرآة كأنهم توائم يلبسان لباس الزفاف.

سحبا داخل المرآة ... وجدا الكثير من الألوان و الأحجام المختلفة كأنهم في عالم من اللاشيء، أو في ثقب زمني لا يريا بشرا، أو إسقاط نجمي ليسقطا في غرفة مظلمة، مرآة أمامهما تتحول إلى مرايا و يخرج نفسه صاحب القرون، ثم يختفي ... ليتحدث منها كلاهما بلباس عادي سروال و قميص للرجل، و جلباب للمرأة، ما يزالا لا يصدقان ما يحدث لهما من خيال، ليطيرا نحو عالم من الخيال، كأنهم وسط بركان يغلي، يسقطا ليصبحا في قعر البحر، فيجرا ليشاهدا حياة قوم عاد الضخام الذين يبنون الأهرامات، فيهربا من شبح لشيطان يتبعهما، يتحول إلى أبيه و جده، يحمل في يده عقدا، ثم يختفي فيتوها وسط زحام من الأعين تلاحظهما، يفترقان ثم يرجعان، فيغمضا عينيهما.


يفتحوهما على بوم يطير نحوهما و معه حيوانات أخرى أسد و ضبع و زرافة، عند اقترابه منهم، يتحول إلى رجل يلبس لباسا رسميا يحمل دمية من رأسها، التي تتحول إلى فتاة تلبس فستان عرس ابيض، فيقفا أمامهما ثم يضربها بكتاب، فترجع إلى دمية مملوءة بالدماء تحمل سيفا كبيرا تطاردهما، لتختفي مع الضباب.

يدخلان إلى غرفة فيجدان شخص في مكتب فوق السحاب يكتب و يتغير شكل وجهه تارة إلى امرأة أو طفل أو كهل يشبه جد الشاب، فيرى في عينيه كونا و أناس تهرب، من نفس المكان، ثم ليكتشف أن وجهه أصبح كالجبل الذي تنزل منها الأحجار و هما هاربان منها، يغمض عينهما فيسقطا من السرير كأنهما سقطا من فوق ناطحة السحاب، فيسمعا صوتا ينادي عليهما – العقد يا حبيبي - ، تدق الأجراس، يسمع بصوت عالي يخفت شيئا فشيئا – الاختيار لك إما أن توقع أو تقع -، يرى في عينها ثم يبتعدا، أبعاد الاختيارات الخطأ للبعض الناس التي عاشت في الفيلا رقم 17 وكل ما حدث له، هناك من انتحر و هناك ما خرج مجنون ثم يرميا خارج بيت، بنفس لباس الذي دخلا به، ليجد كل واحد فيهم في غرفة نومه و كأنهما في حلم، فيتصل بها و يقول لها : حلمت
تجيبه : حتى أنا حلمت و لم أفهم
يقول : نلتقي
تجيبه بغضب : لا لا  – تقطع الخط
يرن الهاتف و لا ترد

يتأكد أن البيت الذي اتجه نحوه هو عالم غريب، و ليس عادي بل المرآة التي رآها هي السبب في كل ما يحدث، ليتذكر عدم رغبة أمه إعطاءه المفاتيح و ليسألها، تحاول التملص من الإجابة لكنه يعيد السؤال، فترى في عينيه رغبة ملحة على إجابته، كيف يمكن أن تترك فيلا كبيرة و تكتري بيتا صغيرا تعيش فيه لكل هذه السنين؟

فتحكي له عن الحقيقة التي أخفتها عنه لسنين بتركيز :
-      يا ابني فجد أبيك، قد وقع عقدا مع الشيطان، من بنود العقد أن يلد ذكرا واحدا، يجب عندما يكبر أن يمضي عقدا هو كذلك بالمقابل أن يضمن لهم غنا فاحش، لكني أرفض أن تمض العقد معه، لأن تضمن جهنم بعض الوفاة، حتى لو طلبت الأبدية، فلن تستطيع أن تصل إليها.
فيجيبها و هي يتذكر :
-      فقد كان وحشا ذو ثلاث قرون و ثلاث أعين يطاردني، يطلب مني التوقيع على العقد، عندما كنا نرفض، كان يرمينا خارج الفيلا ؟؟
فتصرخ و تعانقه :
-      لا تمضي العقد يا ولدي، فعندي الحل، خد هذه الورقة لقد أعطاني إياها أباك قبل اختفائه في الفيلا، أحفظ كل ما كتب فيها ثم احرقها، فأنت في الحلم و يكنك أن تتحكم به

فهم فكرتها، أخد الورقة، فقد حفظها كصورة، لأن ذاكرته فوتوغرافية، يمكن أن تسجل كل ما تراه على شكل صورة، فأول ما فعل بعد الدخول للبيت هو عدم الرؤية فيها، لكن حب التجربة دون امتحان هو ما دفعه، فرآها ثم انسحب إليه كالعادة، ليرى حادثة سير، و مراسم دفن،  يخرج هو من القبر يأتي إليه و يقول له لا تتزوجها، فيتحول إلى الزوجة التي تلبس الأسود بيدها عصى كالساحرات ليتحول شعرها إلى أشعة شمسية، ثم يقترب منها، و هو يهرب و هي تضحك، تختبئ الدمعة في طرف عينيها، متمسكة بأمل البقاء لكن ... سرعان ما تخرج و ترمي نفسها إلى الانتحار الاضطراري، فتنزل مسرعة رغم أنها تبطئ من حركاتها، تمر بالوجنة محاذية الأنف، لتستقر في الشفاه، ثم ترمي بنفسها إلى أن تتشتت في السماء، ملقية على يد كبيرة تحمل عقدا، فتناديه – وقع كما وقع أبائه يا زوجي - ثم تندثر.

 ليخرج له صاحب القرون الثلاث، فيضحك و تعم الدنيا بضحكاته، يدور حوله جد أبيه و جده و أبيه يضحكون و يقولون له – وقع يا ولدي – فيبدأ في رسم دائرة، ثم وسطها بعض النجوم، ليجد نفسه وسط عالم لم يستطع الخروج منه، كأنه في ظلام، لكنه يستمر في رسم بعض الدوائر، التي تطير، فيتذكر كلام أمه أنه في حلم، الحلم كل شيء مباح فيه، يحمل الورقة ثم يريها لآبائه، فتمتد أيديهم لها، فيفكر في إحراقها، تشتعل نار كبيرة، يهرب منها و يهرب معه كل من رآها من حيوانات و أشجار و أناس، حتى التي شنقت فهي تهرب بمشنقتها و التي قتلت تهرب بدمها، أما ذو القرون فيختفي، ليجد نفسه في خلاء، نفس مكان الفيلا، يبحث عن المفاتيح لا يجدها، يجد نفس التاكسي الذي يطالبه بأداء ثمن الركوب لكنه يريد إرجاعه إلى البيت، فإذا بعينيه يحمران كأن الشيطان سكنه، أو أن التعويذة خطأ.

النهاية

قد يعجبك أيضا

ليست هناك تعليقات :

روائع القرآن الكريم Mp3

فريق الموقع

جمال شكرى
رئيس تحرير جريدة البنيان الاسبوعي حاليا بأخبار اليوم
مدير تحرير صحيفة الأحرار اليومية..سابقا
المستشار الصحفي والإعلامي لإدارة الإعلام مديرية أمن إسكندرية
نائب الموقع الإلكتروني بالصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية

رئيس رابطة صحفيون ضد الفساد عضو مجلس نقابة الصحفيين

مصطفى الحطابى كاتب كلمات و قصائد شعرية و زجل، قصص و مقالات
عضو النقابة الوطنية للموسيقيين الأحرار بالرباط ككاتب كلمات
المشاركة في فيلم قصير للمخرج محسين الناظيفي
الشبابية و هي تهتم بالمواهب الشابة على مستوى المدينة 2010 حاصل على شهادة في الإعلاميات المكتبية 2005 حاصل مستوى باك علوم تجريبية بثانوية أولاد حريز ببرشيد
GMAIL : M.ELHATTABI@GMAIL.COM

سكينة الفالحي من المغرب ، مدينة طنجة ، العمر 22 سنة ، دارسة للسيكولوجيا
و علم النفس و كخبيرة للعلاقات بين الشباب ، و حاصلة على الاجازة بالحقوق ،و
حاصلة على دبلوم في المحاسبة و التسيير ، و كاتبة و شاعرة و ناقدة سياسية ، لها عدة اعمال منها قصة حب مدفونة ، و حداد الروح و سحر الحياة و غيرها من
القصائد و كذلك سلسلة في اطار نقدي تحت عنوان سيليباطير فوق الثلاتين
و قصة دموع الرحمة و قصص قصيرة و روايات

عبد الرحمن عبد الغفار عرابي وشهرته الرسام مصمم جرافيك وفنان تشكيلي وكاريكاتير
يعمل مدرب جرافيك ورسم في اكاديمية خاصة رسام جداريات وديكور
رئيس قسم الكاريكاتير بموقع الفيروز رئيس قسم الكاريكاتير بجريدة كرامة الصعيد رسام الكاريكاتير بجريدة نبض الحرية
حائز على المركز الأول في الكاريكاتير بمحافظة بني سويف جمهورية مصر العربية حاصل على تقدير من محترف لبنان الفني بأكثر من مناسبة شارك في العديد من المعارض المحلية والدولية